في خطوة مستفزة تكشف عن طموحات الاحتلال الإسرائيلي التوسعية، أثارت خريطة مزعومة نشرتها حسابات رسمية تابعة للحكومة الإسرائيلية غضباً عربياً واسعاً. الخريطة، التي وصفت بأنها "لإسرائيل التاريخية"، تضم أراضي من فلسطين المحتلة، والأردن، وسوريا، ولبنان، ما دفع عواصم عربية مثل أبو ظبي والدوحة وعمان، بالإضافة إلى الجامعة العربية، إلى التحرك العاجل لإدانة هذا الانتهاك السافر.
تفاصيل الخريطة و"إسرائيل الكبرى"
الخريطة المزعومة عكست حلم "إسرائيل الكبرى"، وهو الطموح الصهيوني الذي يمتد من نهر النيل إلى نهر الفرات. هذا الحلم، الذي لطالما كان جزءاً من الأيديولوجية الصهيونية منذ تأسيس إسرائيل عام 1948، يستند إلى تفسيرات مغلوطة لنصوص دينية وخرافات تاريخية.
ظهرت هذه الخريطة لأول مرة في شعارات منظمة "الهاغاناه" الصهيونية، التي اعتبرت أن السيطرة على كامل المنطقة واجب قومي. ومع صعود اليمين المتطرف إلى الحكم في إسرائيل، بدأت هذه الأفكار تأخذ طابعاً عملياً، من خلال تصريحات علنية حول نية ضم أراضٍ جديدة وتعزيز الاستيطان.
ردود الفعل العربية
الإمارات العربية المتحدة
وزارة الخارجية الإماراتية أعربت عن إدانتها الشديدة، ووصفت الخريطة بأنها "تكريس للاحتلال وانتهاك صارخ للقوانين الدولية". كما حذرت من أن هذه الممارسات تعيق تحقيق السلام وتدفع المنطقة نحو تصعيد خطير.
قطر
الخارجية القطرية أصدرت بياناً شديد اللهجة، أدانت فيه نشر الخريطة واعتبرتها محاولة لإعاقة فرص السلام في المنطقة. كما دعت المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته لإلزام الاحتلال الإسرائيلي بالامتثال للقانون الدولي.
الأردن وجامعة الدول العربية
الأردن، المستهدف مباشرة بالخريطة، وصف هذه الخطوة بأنها تهديد لسيادته واستقراره. أما أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، فقد اعتبر أن الخريطة تأتي في سياق "التطرف والهوس الديني" الذي يغرق فيه الاحتلال الإسرائيلي. كما أكد أن هذا المخطط يعكس نوايا توسعية حقيقية تهدد الاستقرار الإقليمي.
أطماع اليمين الإسرائيلي
تحت حكم اليمين المتطرف، تتزايد محاولات إسرائيل لإحياء خرافة "إسرائيل الكبرى". تصريحات المسؤولين الإسرائيليين حول ضم الضفة الغربية، وتهويد القدس، والاستيطان المكثف، تشير إلى أن هذه الخريطة ليست مجرد رمز دعائي، بل تعكس طموحات توسعية قد تسعى إسرائيل إلى تنفيذها تدريجياً.
هل تنفذ إسرائيل الخريطة؟
رغم أن تحقيق "إسرائيل الكبرى" يبدو مستحيلاً في ظل الظروف الدولية الحالية، فإن إسرائيل تعتمد سياسة الخطوات التدريجية لتغيير الواقع. التوسع الاستيطاني، وتهجير الفلسطينيين، ومحاولات السيطرة على موارد المنطقة، كلها مؤشرات على أن الاحتلال يسعى لتحقيق حلمه التوسعي على مراحل.
تحذيرات عربية ودولية
المتحدث باسم الجامعة العربية، جمال رشدي، حذر من أن تغاضي المجتمع الدولي عن مثل هذه التصرفات سيشجع إسرائيل على مواصلة مخططاتها. ودعا إلى موقف حازم يضع حداً لهذه الممارسات التي تهدد الأمن الإقليمي والعالمي.
نشر هذه الخريطة يكشف عن عمق التطرف الذي يسيطر على الحكومة الإسرائيلية، ويضع المنطقة بأسرها أمام تحديات خطيرة. مع تصاعد الغضب في أبو ظبي والدوحة وعمان، وتحرك الجامعة العربية، يبقى السؤال: هل ستقف الدول العربية والمجتمع الدولي في وجه هذه المخططات؟ أم أن الاحتلال سيواصل استغلال صمت العالم لتحقيق أحلامه التوسعية؟